! أستــmodehlhــاهلك !
17-09-2007, 04:18 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم : عمر بن عبد الله المقبل
هذا بحث مختصر حول : (حكم التهنئة بدخول شهر رمضان) ، حاولت أن أجمع فيه أطرافه ، ملتمساً في ذلك طلب الحق إن شاء الله (تعالى) . قبل البدء بذكر حكم المسألة لا بد من تأصيل موضوع (التهنئة) . فيقال : التهاني من حيث الأصل من باب العادات ، والتي الأصل فيها الإباحة ، حتى يأتي دليل يخصها ، فينقل حكمها من الإباحة إلى حكم آخر . قال الشيخ العلامة (عبد الرحمن ابن سعدي) (رحمه الله تعالى) في منظومة القواعد .
والأصلُ في عاداتنا الإباحةْ حتى يجيءَ صارفُ الإباحةْ وليس مشروعاً من الأمور غير الذي في شرعنا مذكور ثم قال (رحمه الله) معلقاً على ذلك : (وهذان الأصلان العظيمان ذكرهما شيخ الإسلام (رحمه الله) في كتبه ، وذكر أن الأصل الذي بنى عليه الإمام أحمد مذهبه : أن العادات الأصل فيها الإباحة ، فلا يحرم منها إلاّ ما ورد تحريمه , إلى أن قال : فالعادات هي ما اعتاد الناس من المآكل والمشارب ، وأصناف الملابس والذهاب والمجيء ، وسائر التصرفات المعتادة ، فلا يحرم منها إلاّ ما حرّمه الله ورسوله ، إما نصّاً صريحاً ، أو يدخل في عموم ، أو قياسٍ صحيح ، وإلاّ فسائر العادات حلال ، والدليل على حلها قوله (تعالى) : [ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ][البقرة : 29] ، فهذا يدل على أنه خلق لنا ما في الأرض جميعه لننتفع به على أيّ وجهٍ من وجوه الانتفاع) .
وإذا كانت التهاني من باب العادات ، فلا ينكر منها إلاّ ما أنكره الشرع ، ولذا مرّر الإسلام جملة من العادات التي كانت عند العرب ، بل رغب في بعضها ، وحرّم بعضها ، كالسجود للتحية .
حكم التهنئة بدخول الشهر الكريم : روى ابن خزيمة (رحمه الله) في صحيحه (3/191) عن سلمان (رضي الله عنه) قال : خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في آخر يومٍ من شعبان ، فقال : (أيها الناس ، قد أظلكم شهر عظيم ، شهر مبارك ، شهر فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر ، جعل الله صيامه فريضة ، .... ) الحديث . قال ابن رجب (رحمه الله) : ( ... هذا الحديث أصلٌ في تهنئة الناس بعضهم بعضاً في شهر رمضان) .
وإنما تأخر الاستدلال به على مسألتنا لأنه لم يثبت ، بل هو حديث منكر كما قال الإمام أبو حاتم الرازي ، ولذا : بوّب عليه الإمام ابن خزيمة في صحيحه بقوله : (باب فضائل شهر رمضان ، إن صحّ الخبر) .
وفي سنده (علي بن زيد بن جُدْعان) وهو (ضعيف) .
وذهب الجمهور من الفقهاء إلى أن التهنئة بالعيد لا بأس بها ، بل ذهب بعضهم إلى مشروعيتها ، وفيها أربع روايات عن الإمام أحمد (رحمه الله) ، ذكرها ابن مفلح (رحمه الله) في (الآداب الشرعية) ، وذكر أن ما روي عنه من أنها لا بأس بها هي أشهر الروايات عنه .
قال الإمام أحمد (رحمه الله) : ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد : تقبّل الله منا ومنك . وقال حرب : سئل أحمد عن قول الناس : تقبل الله منا ومنكم ؟ قال : لا بأس ، يرويه أهل الشام عن أبي أمامة ، قيل : وواثلة بن الأسقع ، قال : نعم ، قيل : فلا تكره أن يقال : (هذا يوم العيد) ؟ ، قال : لا .... ) .
فيقال : إذا كانت التهنئة بالعيد هذا حكمها ، فإن جوازها في دخول شهر رمضان الذي هو موسمٌ من أعظم مواسم الطاعات ، وتنزل الرحمات ، ومضاعفة الحسنات ، والتجارة مع الله .. من باب أولى ، والله أعلم .
تحقيق بعض العلماء في المسألة : ومما يُستدَل به على جواز ذلك أيضاً : قصة كعب بن مالك (رضي الله عنه) الثابتة في الصحيحين من البشارة له ولصاحبه بتوبة الله عليهما ، وقيام طلحة (رضي الله تعالى عنه) إليه .
قال ابن القيم (رحمه الله) ضمن سياقه لفوائد تلك القصة : (وفيه دليل على استحباب تهنئة من تجددت له نعمة دينية ، والقيام إليه إذا أقبل ، ومصافحته ، فهذه سنة مستحبة ، وهو جائز لمن تجددت له نعمة دنيوية ، وأن الأَوْلى أن يقال : يهنك بما أعطاك الله ، وما منّ الله به عليك ، ونحو هذا الكلام ، فإن فيه تولية النعمة ربّها ، والدعاء لمن نالها بالتهني بها).
ولا ريب أن بلوغ شهر رمضان وإدراكه نعمةٌ دينية ، فهي أولى وأحرى بأن يُهنّأ المسلم على بلوغها ، كيف وقد أثر عن السلف أنهم كانوا يسألون الله (عز وجل) ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ، وفي الستة الأخرى يسألونه القبول ؟ ، ونحن نرى العشرات ونسمع عن أضعافهم ممن يموتون قبل بلوغهم الشهر . وقال الحافظ ابن حجر (رحمه الله) : (ويحتج لعموم التهنئة لما يحدث من نعمة ، أو يندفع من نقمة : بمشروعية سجود الشكر ، والتعزية ، وبما في الصحيحين عن كعب بن مالك ... ) .
ونقل القليوبي عن ابن حجر أن التهنئة بالأعياد والشهور والأعوام مندوبة . وقد ذكر الحافظ المنذري أن الحافظ أبي الحسن المقدسي سُئِل عن التهنئة في أوائل الشهور والسنين : أهو بدعة أم لا ؟ ، فأجاب : بأن الناس لم يزالوا مختلفين في ذلك ، قال : والذي أراه أنه مباح ، ليس بسنة ولا بدعة .
خلاصة المسألة : وبعد هذا العرض الموجز يظهر أن الأمر واسع في التهنئة بدخول الشهر ، لا يُمنع منها ، ولا ينكر على من تركها ، والله أعلم . هذا ، وقد سألت شيخنا العلامة (محمد بن صالح العثيمين) عن التهنئة بدخول شهر رمضان ، فقال : (طيبة جدّاً) ، وذلك في يوم الأحد 8/9/1416هـ ، حال بحثي في هذه المسألة ، والتي أسأل الله (عز وجل) أن أكون قد وفقت فيها للصواب ، فإن كان كذلك فمن الله وحده ، وإن كان ما قلته خطأً فأنا أهلٌ له ، والله ورسوله منه بريئان ، وأستغفر الله العظيم . وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
ان شاء الله الفائده تعم
مع تحيات
modehlh
بقلم : عمر بن عبد الله المقبل
هذا بحث مختصر حول : (حكم التهنئة بدخول شهر رمضان) ، حاولت أن أجمع فيه أطرافه ، ملتمساً في ذلك طلب الحق إن شاء الله (تعالى) . قبل البدء بذكر حكم المسألة لا بد من تأصيل موضوع (التهنئة) . فيقال : التهاني من حيث الأصل من باب العادات ، والتي الأصل فيها الإباحة ، حتى يأتي دليل يخصها ، فينقل حكمها من الإباحة إلى حكم آخر . قال الشيخ العلامة (عبد الرحمن ابن سعدي) (رحمه الله تعالى) في منظومة القواعد .
والأصلُ في عاداتنا الإباحةْ حتى يجيءَ صارفُ الإباحةْ وليس مشروعاً من الأمور غير الذي في شرعنا مذكور ثم قال (رحمه الله) معلقاً على ذلك : (وهذان الأصلان العظيمان ذكرهما شيخ الإسلام (رحمه الله) في كتبه ، وذكر أن الأصل الذي بنى عليه الإمام أحمد مذهبه : أن العادات الأصل فيها الإباحة ، فلا يحرم منها إلاّ ما ورد تحريمه , إلى أن قال : فالعادات هي ما اعتاد الناس من المآكل والمشارب ، وأصناف الملابس والذهاب والمجيء ، وسائر التصرفات المعتادة ، فلا يحرم منها إلاّ ما حرّمه الله ورسوله ، إما نصّاً صريحاً ، أو يدخل في عموم ، أو قياسٍ صحيح ، وإلاّ فسائر العادات حلال ، والدليل على حلها قوله (تعالى) : [ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ][البقرة : 29] ، فهذا يدل على أنه خلق لنا ما في الأرض جميعه لننتفع به على أيّ وجهٍ من وجوه الانتفاع) .
وإذا كانت التهاني من باب العادات ، فلا ينكر منها إلاّ ما أنكره الشرع ، ولذا مرّر الإسلام جملة من العادات التي كانت عند العرب ، بل رغب في بعضها ، وحرّم بعضها ، كالسجود للتحية .
حكم التهنئة بدخول الشهر الكريم : روى ابن خزيمة (رحمه الله) في صحيحه (3/191) عن سلمان (رضي الله عنه) قال : خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في آخر يومٍ من شعبان ، فقال : (أيها الناس ، قد أظلكم شهر عظيم ، شهر مبارك ، شهر فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر ، جعل الله صيامه فريضة ، .... ) الحديث . قال ابن رجب (رحمه الله) : ( ... هذا الحديث أصلٌ في تهنئة الناس بعضهم بعضاً في شهر رمضان) .
وإنما تأخر الاستدلال به على مسألتنا لأنه لم يثبت ، بل هو حديث منكر كما قال الإمام أبو حاتم الرازي ، ولذا : بوّب عليه الإمام ابن خزيمة في صحيحه بقوله : (باب فضائل شهر رمضان ، إن صحّ الخبر) .
وفي سنده (علي بن زيد بن جُدْعان) وهو (ضعيف) .
وذهب الجمهور من الفقهاء إلى أن التهنئة بالعيد لا بأس بها ، بل ذهب بعضهم إلى مشروعيتها ، وفيها أربع روايات عن الإمام أحمد (رحمه الله) ، ذكرها ابن مفلح (رحمه الله) في (الآداب الشرعية) ، وذكر أن ما روي عنه من أنها لا بأس بها هي أشهر الروايات عنه .
قال الإمام أحمد (رحمه الله) : ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد : تقبّل الله منا ومنك . وقال حرب : سئل أحمد عن قول الناس : تقبل الله منا ومنكم ؟ قال : لا بأس ، يرويه أهل الشام عن أبي أمامة ، قيل : وواثلة بن الأسقع ، قال : نعم ، قيل : فلا تكره أن يقال : (هذا يوم العيد) ؟ ، قال : لا .... ) .
فيقال : إذا كانت التهنئة بالعيد هذا حكمها ، فإن جوازها في دخول شهر رمضان الذي هو موسمٌ من أعظم مواسم الطاعات ، وتنزل الرحمات ، ومضاعفة الحسنات ، والتجارة مع الله .. من باب أولى ، والله أعلم .
تحقيق بعض العلماء في المسألة : ومما يُستدَل به على جواز ذلك أيضاً : قصة كعب بن مالك (رضي الله عنه) الثابتة في الصحيحين من البشارة له ولصاحبه بتوبة الله عليهما ، وقيام طلحة (رضي الله تعالى عنه) إليه .
قال ابن القيم (رحمه الله) ضمن سياقه لفوائد تلك القصة : (وفيه دليل على استحباب تهنئة من تجددت له نعمة دينية ، والقيام إليه إذا أقبل ، ومصافحته ، فهذه سنة مستحبة ، وهو جائز لمن تجددت له نعمة دنيوية ، وأن الأَوْلى أن يقال : يهنك بما أعطاك الله ، وما منّ الله به عليك ، ونحو هذا الكلام ، فإن فيه تولية النعمة ربّها ، والدعاء لمن نالها بالتهني بها).
ولا ريب أن بلوغ شهر رمضان وإدراكه نعمةٌ دينية ، فهي أولى وأحرى بأن يُهنّأ المسلم على بلوغها ، كيف وقد أثر عن السلف أنهم كانوا يسألون الله (عز وجل) ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ، وفي الستة الأخرى يسألونه القبول ؟ ، ونحن نرى العشرات ونسمع عن أضعافهم ممن يموتون قبل بلوغهم الشهر . وقال الحافظ ابن حجر (رحمه الله) : (ويحتج لعموم التهنئة لما يحدث من نعمة ، أو يندفع من نقمة : بمشروعية سجود الشكر ، والتعزية ، وبما في الصحيحين عن كعب بن مالك ... ) .
ونقل القليوبي عن ابن حجر أن التهنئة بالأعياد والشهور والأعوام مندوبة . وقد ذكر الحافظ المنذري أن الحافظ أبي الحسن المقدسي سُئِل عن التهنئة في أوائل الشهور والسنين : أهو بدعة أم لا ؟ ، فأجاب : بأن الناس لم يزالوا مختلفين في ذلك ، قال : والذي أراه أنه مباح ، ليس بسنة ولا بدعة .
خلاصة المسألة : وبعد هذا العرض الموجز يظهر أن الأمر واسع في التهنئة بدخول الشهر ، لا يُمنع منها ، ولا ينكر على من تركها ، والله أعلم . هذا ، وقد سألت شيخنا العلامة (محمد بن صالح العثيمين) عن التهنئة بدخول شهر رمضان ، فقال : (طيبة جدّاً) ، وذلك في يوم الأحد 8/9/1416هـ ، حال بحثي في هذه المسألة ، والتي أسأل الله (عز وجل) أن أكون قد وفقت فيها للصواب ، فإن كان كذلك فمن الله وحده ، وإن كان ما قلته خطأً فأنا أهلٌ له ، والله ورسوله منه بريئان ، وأستغفر الله العظيم . وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
ان شاء الله الفائده تعم
مع تحيات
modehlh