المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سر موت النبي سليمان علية السلام


ورده النيل
18-05-2009, 09:17 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله الذي قلدنا من جواهر آلائه ، و أولانا من مجمل إحسانه و عطائه ، و أفاض علينا من كرمه و باهر إسدائه ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمداً المرتضى ، والسند المرتجى ، والرسول المنتقى ، والحبيب المجتبى ، والسراج المضيء المزهر ، و الصبح المسفر ، ناموس الصدق و الصواب ، و المعلم العجاب ، و مجمع الحكم في كل كتاب ، صلى الله عليه و على آله وأصحابه خير الأصحاب ، و سلم تسليماً كثيراً .
( أرجو قراءة هذه المقدمة )
هذه نظرات في كتاب الله الحكيم . وهي نظراتُ مخلوق محدود العلم ينظر في كتاب الله المطلق العلم نظراتُ مخلوقٍ يؤمن بأنّ فهم السلف لا يُعفي الخلف من مسئولياتهم تجاه هذا الدين وهذا الكتاب العزيز . وهي نظرات من يؤمن بأنّ أعظم الخلق فهماً لا يُحيط بشيء من العلم إلا بما شاء الله
" وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ ". ( البقرة : 255 ) .
ولا نزعم أنّ ما نقدّمه من نظرات يُغني السائلين و يُقرّ أعين الناظرين ، بل هو رأي كسائر الآراء يمكن قبوله أو رفضه أو تطويره ، فالرأي المحمود هو ما كان لله تعالى متجرداً للحق وللوصول إلى الحقيقة فهذا يؤجر صاحبه إن شاء الله أجران إن أصاب وأجر إن أخطأ ، أما رأي الهوى
وتعطيف الأدلة وليّها لتوافق الرغبات والعادات والتقاليد الشخصية والتعصب القبلي المقيت فهذا هو الرأي المذموم والذي قد يخشى على صاحبة .
ويكفي أن نثير لدى المسلم الواعي الدافعيّة إلى النظر والبحث في كتاب الله الحكيم ، وضرورة أن ننظر فيه مراراً وتكراراً ، ولا نخشى عليه من قصور المتدبّرين ، لأنّه كفيل بتصحيح الأفكار و تقويم الأفهام ، أمّا تأويله كاملاً على مدى الزمان فلا يعلمه إلا الله ، والراسخون في العلم يعلمون تأويله في زمانهم ومكانهم فقط حسب خلفياتهم العلمية والثقافية والاجتماعية ، ويقولون أن المحكم والمتشابه وتفصيل الكتاب كلٌ من عند ربنا ، والقرآن الكريم هو كلام الله الميسّر بلسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الناس كافة ، مؤمنهم وكافرهم , عالمهم وجاهلهم ، غنيّهم وفقيرهم ، المبصر والأعمى , ليقيم الله بهذا " الكتاب " الحجة على كل من بلغه ، ولا تكون حجة ما لم تكن بيّنة معقولة ، حتى يفقهها كل من سمعها ، قال تعالى : " فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ " . ( الدخان : 58 ) .

نبدأ من عند السؤال المفترض , عن نبي يؤتيه الله من كل شيء , و يهبه ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده , و يسخر له الريح , و يسخر له الجن و العفاريت , و يعلمه منطق الطير , وما علمنا وما لم نعلم , فيتوقع السامع من هذا النبي بكل هذه الإمكانيات والمؤهلات والمعطيات , أن يفعل كل العجائب , وينتج ما لم نره ولم نسمع به ! , لا في زماننا هذا , ولا الذي يليه , فذلك مصداق أن .. يكون له ملكٌ لا ينبغي لأحد من بعده ،
ثم نحن الآن ( و في أعلى مستوياتنا التقنية و الإنتاجية , و ما يملكه الغرب كله ) لم نبلغ أن نؤتى من كل شيء . فكيف يستوي أن يكون من أوتي من كل شيء , و له ملك لا ينبغي لأحد من بعده , أن يكون متأخراً عن من لم يؤت مثله ولا معشاره ؟؟؟
فما زال تصورنا الحالي يضع النبي سليمان الملك على كل ما ملك , وراء مستوانا " المتقدم العالي " بكثير , فلا يتجاوز النبي سليمان عندنا رجلاً ثرياً مترفاً , لم يبلغ مع ذلك ما نحن فيه من " التقدم " و الرفاهية ! . إذاً فلننصف هذا النبي , و لننصف القرآن , و لنتدبره حق تدبره ! ، قال تعالى : " فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ المَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ " . ( سبأ : 14 ) .
" منسـأة " سليمان ..
أعلى ما يطمح إليه العلم , و التقنية البشرية ! كما سبق وأن إستدللنا , فيما خص المحاريب و التماثيل و الجفان و القدور , و بالطريقة نفسها , من الإعتماد على نصوص القرآن الكريم , و على ما صح من حديث " المعصوم " النبي محمد عليه و آله الصلاة و السلام , و بما يحتمله لسان العرب , بهذا كله , " نتدبر " ما وراء " منسـأة " سليمان عليه السلام , و بالذات ما قدمنا و اعتمدنا عليه من السياق الحربي المُلكي لسورة سـبأ , ولا بد من الرجوع إلى موضوع ملك سليمان للطاقة النووية , و قدراته في البث الصوتي و الصوري و المادي , ليتتبع معنا إعتمادنا الشديد على دلالة السياق للسورة , كركن شَرطي للبحث ! فكان السياق القرآني للسورة ,
و السياق الحربي المُلكي الشديد , يأبى ذلك الحصر السطحي للمنسأة التي جاءت على رأس ما ذكر من مُلك سليمان , في أنها مجرد عصا يتكئ عليها أي رجل ! .
بداية السؤال ..
إذا كانت " المنسأة " هي العصا , فلم قال الله الحكيم " منسـأته " , ولم يقل " عصـاه " ؟؟؟ فكلمة عصا ذكرت في الكتاب الكريم " وما تلك بيمنيك يا موسى ... الآية " .
ظاهر الآية يدل على غير ما ذكر ...
فالمفسرون جزاهم الله خيراً , يقولون أن " الأرضة " أكلت " العصا " حتى نخرتها فأنكسرت , فسقط سليمان أرضاً , فعَلِم من علم بموته بعدما خر على الأرض !!
ولا حاجة للخوض في أكثر من هذا , من مدة لبثه متكئاً على " عصـاه " , سواء بقول من قال : شهراً ,
أو سنة , أو أربعين سنة . فإختلافهم دليل على أن لا نص عندهم من الله و رسوله .
وظاهر الآية يشير بشكل جلي , أن من إستدل على موته , ممن حضره , إنما إستدل بما رآه من أن دابة الأرض " تأكل " منسـأته , بالفعل المضارع , فهو إستدل على الموت من الفعل الحاضر في الأكل , لا بعدما مضى الفعل وصار ما صار ! .
فعندما رأى من رأى الدابة " تأكل " المنسـأة , علم أن سليمان قد مات , أي قبل أن يخر سليمان ,و إنما أفاد الخرّ شيئاً آخر يخص الجن , بأنهم لا يعلمون الغيب : " فلما خر تبينت الجن " , أما دلالة الموت فكانت حاصلة قبل الخر ,
بأن " الدابة " " تأكل " " المنسأة " !! .
إذاً في القصة شيء آخر غير ما يروى , فما هو ؟
وما " المنسأة " إذاً ؟
" المنسأة " على وزن مِفعلة , وهو الوزن الذي تستعمله العرب للدلالة على إسم الآلة , فتقول : مِجرفة , و مِكنسة , إذا قصدت آلة الجرف و آلة الكنس ,
فما " المنسأة " ؟
" المنسأة " إسم آلة للنسأ , فما النسأ ؟
" النسأ " في القرآن " الزيادة " أو " التأخير " في " الزمن " , ومنه " ربا النسيء " , ومنه آيه سورة التوبة :
" إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللهُ " . ( التوبة : 37 ) .
وهو ما كانت تفعله العرب من " زيادة " الفترة و " تأخير " الشهر الحرام لحاجة عندها , فسمي هذا " التأخير " و " الزيادة " نسيئاً .
فما علاقة " المنسأة " و " الزمن " إذاً ؟
الملاحظ أن هذه الآية جاءت بعدما ذكر الله متعلق الزمن , " الشهر " , بريح سليمان في الآية التي تسبقها ، و سبق و أشرنا عن علاقة " النسـأ " و الزمن المتعلق بـ " الشهر " الوارد في سورة التوبة , ولن تجد من يماري بمثل هذه العلاقة : " إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ " .
فهذا هو " الزمن " وهذا هو " النسأ " مرة أخرى !
وكما أن العلاقة لازمة بين " الشهر " و " النسأ " في " التوبة " , فهي كذلك
في " سبأ " .
ثم هذا حديث النبي عليه الصلاة والسلام , يقضي بالحق :
" صلة القربي مثراة في المال , محبة في الأهل منسأة في الأجل " .
فمن منا لا يرى إستعمال النبي عليه وآله الصلاة و السلام " للنسأ " حينما أراد الحديث عن
" الأجل " ؟! و " الأجل " بلا ريب , هو ما يطلق على " الزمن المحسوب " , من .. إلى ؟
أما من إستدل بشيء من الشعر على أنها العصا ووقف عندها , فلم يعدل , إذ لم يقل لنا لما لم يقل الله " عصاه " ؟ , والإستدلال بالحديث فوق الإستدلال بالشعر بلا خلاف .
ولا نقول بالضرورة إن المنسأة ليست عصا , فلا يمنع أن تكون على هيئة العصا , و لكن بحثنا
و مرادنا عن مطلب المنسـأة وما وراءها , وما كانت له !! .
إذاً , فقد بات واضحاً , و بدليل حديث النبي عليه وآله الصلاة و السلام الذي إستدللنا به , أن الأمر متعلق بـ" الزمن " و الأجل , و ليس أدل من ظاهر الآية على هذا , إذ لم تكن " المنسأة " إلا للتدليل على " أجل " سليمان عليه السلام و موته ! .
فالمنسأة بهذا , " أداة للزمن " , وقد تكون بهيئة العصا , وكانت على رأس ملك سليمان , ملازمة له , متعلقة فيه , إستدل من إستدل على إنقضاء " أجله " بذهاب
" أداته الزمنية " , التي كان يملك بها سليمان زمام " الزمن الأرضي " , ( وقِفْ عند
" دابة الأرض " الواردة في الآية ) فيزيد فيه و يؤخر بالقدر الذي يعينه على فعل أوامر الله الملك . تماماً مثل ما يحلم العلماء التقنيون اليوم , بالسيطرة على " الإزاحة الزمنية " , سواء بتسريعها أو بإبطائها , و ذلك الذي سبقهم إليه النبي " المؤتى من كل شيء " , و بما سخر الله له , ليجعله آيته وحجته على الحضارة البشرية حتى منتهاها , ألا إن القوة لله جميعاً .
وهذا ما قد يعيننا على فهم حديث النبي الصحيح عليه وآله الصلاة والسلام, حين قال :
" قال سليمان : لأطوفن الليلة على تسعين إمرأة ، كل تلد غلاماً يقاتل في سبيل الله ، فقال له صاحبه ( يعني المَلَك ) قل إن شاء الله ، فنسي فطاف بهن فلم تأت إمرأة تلد منهن بولد إلا واحدة بشق غلام " .
فكيف يطوف بليلة واحدة لا تتجاوز بضع ساعات على تسعين إمرأة , وهو النبي الملتزم بسنن الأنبياء , من الطهارة و الأدب و حسن المعاشرة , وما قد يلزمه هذا من " الزمن " الطويل , إن غضضنا الطرف عن القدرة الجنسية التي لم يثبت أن لأحد من الرجال مثلها ؟؟
اللهم إلا إذا كان للمنسأة شأنها , وما يفعل بها النبي سليمان من " الزيادة " في الزمن حتى يقضي هو بليلة , ما يقضيه الرجل السوي ببضعة أشهر ! .
ثم هذا ما قد يعيننا مرة أخرى على فهم آية سورة النمل بفهم أعمق :
" قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ". ( النمل : 40 ) .
وكنا قد بينا في موضوع سابق أن سليمان نفسه , هو من أتى بالعرش , معتمدين على ما أثبته بالبينة الإمام الرازي في تفسيره , لنفهم قدرة سليمان على الإمساك بزمام الزمن بما وهب الله له .
وما كان في الإسراء و المعراج , لأظهر دليل على جواز ما نقول , حيث قطع النبي عليه وآله الصلاة و السلام إلى بيت المقدس ما يقطعه الناس بشهرين , ثم صعد إلى السماء السابعة التي لا يعلم بعدها إلا ربها , ثم رجع و فراشه على حاله لم يبرد بعد ! , أي ببضع دقائق ..
إذاً فماذا كانت " دابة الأرض " ؟
نقلت إلينا التفاسير , على أنها " الأرضة " , أو الدودة التي تأكل الخشب , ذلك لأنهم
" إفترضوا " إبتداءً , أن المنسـأة كانت من الخشب , و المحققون من أهل العلم , يقفون بالعادة عند مصادر الخبر و النقل , فلنا أن نسأل : إن لم يكن النبي محمد عليه وآله الصلاة والسلام هو صاحب هذه المعلومة , فمن أين لصاحبها بها , فنعلم بالضرورة بعد هذا , أن قول من قال : أنها دودة الأرض , إنما هو قول أو رأيٌ و حسب .
ثم إن الله قال : " دابة الأرض " بهذا العموم , ومن أراد أن يخصص ما عمم الله , فعليه البينة والدليل , فقد سبق وخصص الله سبحانه و تعالى ، فقال : " قالت نملة " ، ولم يقل سبحانه عنها " دابة الأرض " .
فإذا أردنا أن نقرأ النص القرآني على ظاهره , ( لعدم ورود الخبر النبوي المخصِص ) فنقف عندها كما هي " دابة الأرض " , فهي أولاً " دابة " , ثم هي لـ " الأرض " , أي دابة مخصوصة بالأرض , كأن النص يوحي بهذا التخصيص , حتى إذا قرأه من قرأ ه , علم أن هنالك دابة لا تخص الأرض !
" وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم " . فهناك دابة للأرض ,
و هناك دابة للسماء !
فهل سمعنا عن " دابة السماء " ؟
اللهم نعم , سمعنا النبي عليه و آله الصلاة و السلام يحدث عن ليلة الإسراء , حين أتاه جبريل بـ
" البراق " , و هو كما عرّفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بقوله في الحديث الصحيح : " أتيت بالبُراق و هو " دابة " أبيض طويل فوق الحمار و دون البغل . يضع حافره عند منتهى طرفه , قال : فركبته حتى أتيت بيت المقدس " .
فها هي " دابة " و " بُراق " , ولنتدبر كلمة " البًراق " , ولنستخرج ما فيها من إيحاءات للسرعة القصوى التي تشبّه عادة بالبرق و " الضوء " !.
فكيف " تأكل " " الدابة " " المنسأة " ؟
قبل أن نجيب , يجب أن نعلم أن لكلمة " أكل " دلالات معنوية أخرى , غير الدلالة الفعلية التي نعرفها , فتأتي بمعنى " الأخذ " و " الإستحواذ " . نقرأ في سورتي البقرة و النساء :
" ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " , " ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم " ، فمن منا يرى أن معنى " الأكل " هنا هو " القضم " بالأسنان و الفم , ثم بالمضغ ؟ ولنلتفت مرة أخرى إلى سياق الإستعمال لكلمة " الأكل " , فقد جاءت فيما يخص " مال الرجل و ملكه " ! .
وما دمنا في الحديث عن " الزمن " , فلنستذكر أن القرآن يستعمل هذه التصاريف فيما يخص الزمن , نقرأ في سورة الكهف :
" وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ اليَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ " . ( الكهف : 17 ) .
فمن منا يعتقد أن الحركة " الزمنية " للشمس كانت قرضاً بالسن و الناب ؟
إذاً ما الأمر ؟ كوننا لا نعلم يقيناً هيئة وكنه " الدابة " , و هيئة وكنه " المنسـأة " , فلا نستطيع أن نحدد أو نصف هيئة " الأكل " وكيفيته و دلالته , فالذي يقول لنا بالتحديد , كيف كانت " الدابة " وما هو كنهها , وكيف كانت " المنسـأة " وما هو كنهها ؟ , نقول له بالتحديد , كيف كان " الأكل " ! .
إذاً فكيف خرَّ سليمان ؟
بما أن أصحاب التفاسير جزاهم الله خيراً قد بنوا تأويلهم على أن " المنسـأة " هي العصا التي نعرفها , و يتكئ عليها صاحبها , و ذهبوا إلى ما علمتم من تأويل " الدابة " , فقد إستمروا بوصفهم الذاتي للحدث , فنصبوا سليمان على رجليه , وركزوه على عصاه , حتى إذا نخرت العصا , خر الملك !
هكذا , دون الإلتفات إلى فترة مكثه ميتاً .
والطب يقول إن الميت إذا مات و هو واقف مستنداً إلى عصا , فسيخر لتوه , ولا تسنده العصا بحال , فالذي يُبقي الإنسان واقفاً , إنما هو عصبه و توازنه . وهذا ما يقرره الأطباء أكثر من الفقهاء , ولا يبعد ( بما يتوفر لنا من معطيات النص , " دابة " , " إنسان " ) لا يبعد أن يكون سليمان خرّ من فوق دابته ! .
الزمن .. و العدد .. و الحساب .. و سورة سبأ !
كما بدأ البحث , فالحديث يدور عن النبي الملك " المؤتى من كل شيء " , و العلم في أسباب الأشياء و قوانينها على رأس هذه المأتيات , و عندما تحدثنا عن " المنسـأة " و علاقتها بالزمن و النسيء و العدد , فقد ربطت آية سورة التوبة بقوة بين هذه الثلاثة بشكل جلي :
{ إن عدة الشهور ... } , و " إنما النسيء زيادة في الكفر , يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً , ليواطئوا عدة ما حرم الله " .
فمن أول ما بدأ الحديث عن الرياح لسليمان , كان الحساب الزمني حاضراً , خلافاً لكل آيات الرياح لسليمان في سائر القرآن , إذ لم يذكر الزمن إلا ها هنا : { غدوها شهر ورواحها شهر } ,
والملاحظ هنا إن الحساب الزمني يشير إلى فترتين مجموعتين : " غدوها ورواحها " , أي ذهاباً وإياباً , وهذا ما قد يؤشر إلى حساب خاص للزمن . فنجد 27 كلمة في آية " المنسأة " .. فما لهذا " العدد " و حساب " الزمن " ؟
الملاحظ الملفت , أن آية " الزمن " التي قبلها بآية :
{ غدوها شهر ورواحها شهر } , هي الأخرى 27 كلمة , فما الـ " 27 " ؟
لا حاجة للتذكير بحضور الزمن في هذه العلاقات , بل الظاهر هذا الحضور بقوة , إذ وردت كلمة " الساعة " بصراحة في سورة سبأ مرتين , في الآية (3) والآية (30) فقط , فماذا وراء هذا ؟
أولاً : الفرق بين الآيتين (27) آية .
ثانياً : الرقم (30) هو الرقم الخاص بوحدة الزمن " الشهرية " , ولا خلاف أن " الشهر " هو الدلالة الزمنية هنا .
ثالثاً : العدد (3) يشكل معشاراً للرقم (30) , وهي النسبة الحسابية الوحيدة المذكورة في سورة سبأ في الآية (45) : { وما بلغوا معشار ما آتيناهم } , كما لم تذكر في القرآن إلا هنا .
رابعاً : عدد آيات السورة (54) آية , أي 27x 2 .
خامساً : السورة التي استحضر فيها سليمان العرش " بلمح البصر " هي السورة (27) .
سادساً : من كلمة " سليمان " في الآية (13) إلى كلمة " موته " هناك (54) كلمة , فكأن " أجل " سليمان كان بحد ذاته حيزاً زمنياً خاصاً .
سابعاً : كلمة " المنسأة " هي الكلمة (13) في الآية (14) , ولا يخفى أن مجموعهما هو (27) .
ثامناً : يشترك العدد (3) مع الرقم (27) بالعدد (9) ,
فما هو العدد (9) , وما علاقته بالحساب الزمني ؟
أ : بالإعتماد على أن عدة الشهور هي (12) , فإن الشهر (9) هو رمضان , وفي الشهر (9) وفي الليلة (27) أنزل القرآن .
ب : الليلة (27) هي ليلة القدر التي أنزل فيها القرآن , وسورة القدر فيها (30) كلمة , بقدر وحدة الشهر الحسابية , ووردت فيها ليلة القدر (3) مرات, وبـ (9) أحرف لكل مرة , ليصبح الناتج مرة أخرى (27) .
ج : السورة (9) سورة التوبة , هي التي تذكر آية الشهور , وهي التي ذكرت ( يوم الحج الأكبر ) وهو بلا خلاف اليوم (9) من ذي الحجة . وفي هذا اليوم قال النبي عليه الصلاة والسلام :
" ألا إن الزمان قد إستدار على هيئته يوم خلق الله السموات و الأرض " .
د : العدد (9) ذكر صراحة في السورة (27) .
هـ - سورة سبأ (54) آية , فما السورة ذات الترتيب ( 54 ) ؟ ,
وهل لها علاقة بالحساب والزمن ؟
إنها سورة " القمر " : { و القمر نورا , وقدّره منازل لتعلموا عدد السنين و الحساب } , و في ختامها قال الله : { وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر } , كالتي في السورة (27) : { قبل أن يرتد إليك طرفك} .

ختاماً .. هل لنا أن نشرع بالبحث عن " السُرَع الزمنية " و " الحيز الزمني " و " علم " السيطرة و ضبط " حركة الزمن " بناء على ما توحي به سورة سبأ , حكاية عن النبي الملك المؤتى من كل شيء ؟
خاصة إذا علمنا أن سورة سبأ تختتم على وحي صريح بالنظام الرقمي للحساب الشامل المعروف لدينا , بعرض لم يشاركها به غيرها , واقرأوا معنا ..
" وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آَتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ* قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا للهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ " . ( سبأ : 45 – 46 ) .
فها هو النظام " العشري و ألآحادي و الزوجي و الفردي " في آيتين متتابعتين في سورة واحدة !
فهل هي نظرية " النسبية " الزمنية التي تشغل العلماء ؟
لن نخوض هنا في " النظرية " النسبية بالتعريف الذي يتداوله العلماء الفيزيائيون , ولكن نكتفي بالتذكير بحادثة الإسراء والمعراج , فهي بالنسبة إليهم أمثل دليل وتشبيه , ثم ما ورد في سورة " المعارج " : { في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة , فاصبر صبراً جميلاً , إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً } .
وهو عين ما آلت إليه سورة سبأ في خواتيمها :
" قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ * وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ * وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ " . ( سبأ : 50 – 53 ) .

¨°o.O الناقل انا O.o°¨
18-05-2009, 11:07 PM
تسلمين اختي الغالية موضوع رائع جدآ
تقبلي مروري

لينا
19-05-2009, 02:36 PM
جزاك الله خير

ودي ~

ورده النيل
19-05-2009, 06:27 PM
الف شكر اخي خالد علي مرورك

ورده النيل
19-05-2009, 06:27 PM
الف شكر حبيبتي لينوووو علي مرورك

¨°o.O طالت دروبي O.o°¨
01-07-2009, 01:09 PM
بارك الله فيك اختي

my love""r777d
01-07-2009, 03:23 PM
بارك الله فيك اختي
دمتي بود

اسمراني خجول
01-07-2009, 05:41 PM
يعطيك العافيه على موضوع

تقبل مروري الخفيف

اسمر

ورده النيل
01-07-2009, 08:19 PM
الف شكر حبيبتي قلبووووو علي مرورك

ورده النيل
01-07-2009, 08:19 PM
الف شكر اخي ميمووووو علي مرورك

ورده النيل
01-07-2009, 08:20 PM
الف شكر اخي اسمراني علي مرورك