المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شــبكيه العــين


مزاجى صعب
26-11-2008, 11:10 AM
شبكية العين ...



ذلك النسيج المدهش



د. يونس إسماعيل الفهداوي


أخصائي طب وجراحة العيون



شبكية العين هي الطبقة الداخلية من طبقات العين الثلاث وهي تتكون بصورة أساسية من خلايا عصبية وظيفتها تكوين صور الأجسام الساقطة على سطحها الداخلي ثم نقلها على شكل إيعازات عصبية بواسطة العصب البصري إلى مراكز الإبصار الذي يقع في مؤخرة دماغ الإنسان ثم يتم تحليل هذه الإيعازات في المركز المذكور لغرض إدراك مواصفات وتفاصيل هذه الصورة.
إن عملية تكوين الصورة في الشبكية هي عملية معقدة جداً وما زال العلماء والباحثون يشعرون بالحيرة والدهشة لما في هذا النسيج البسيط ولما يحويه من أسرار وألغاز ومن خلايا وتراكيب ومن فعاليات وتغيرات حيوية وكيميائية وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلت لفهم هذه الأسرار وهذه العمليات وعلى الرغم من الاكتشافات ازداد الأمر تعقيداً وازدادت دهشة العلماء وازداد عجزهم عن إدراك أسرار هذا اللغز العجيب وهذه العملية التي تحصل آلاف المرات في اليوم الواحد عند كل إنسان وكذلك عند الحيوانات المبصرة الأخرى.
وهكذا يقف إنسان العصر الحديث بكل طاقاته وقدراته عاجزاً عن فهم أسرار ووظائف خلايا هذا النسيج الصغير من أنسجة جسمه أو صنع جزء بسيط منه. وهنا نتذكر قوله تعالى: (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) [الإسراء : 85] ، وفي الوقت ذاته نستشعر تجليات قوله تبارك وتعال: (إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة : 20].
ونسيج الشبكية؛هذا النسيج العجيب المدهش؛ هو نسيج رقيق شفاف يتراوح سمكه بين ( 0,2-1 ) ملم ويمكن أن يتمزق بسهوله لكن الله الحفيظ جلّت قدرته أحاطه بوسائل حماية وحفظ وهذا ما يجعله يحافظ على حيويته وعلى تكوينه ووظائفه لسنوات طويلة وهي التي يعيشها الإنسان على هذه الأرض، وعلى الرغم من رقة الشبكية وشفافيتها لكنها تتكون من عشرة طبقات تشاهد عندما يتم تكبيرها بأجهزة التكبير الحديثة، وكل طبقة من هذه الطبقات لها تراكيبها وخلاياها الخاصة بها وهي تميزها عن الطبقات الأخرى وتجعل كل طبقة من هذه الطبقات تتناسب تماماً من حيث الشكل والتركيب والفعاليات الخلوية والكيميائية مع الوظيفة التي ينبغي على تلك الطبقة أن تؤديها !! وهذا الإحكام الدقيق يتجلى فيه معنى قوله تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) [القمر : 49].
فالطبقة الأولى (الخارجية) تتكون من خلايا صبغية طلائية لها وظائف عديدة منها أنها تمنع تشتت الضوء القادم من الخارج وذلك يجعل الصورة المتكونة أكثر وضوحاً وهي بذلك تعمل كالستارة السوداء التي يستخدمها المصور ليجعل الصورة أكثر وضوحاً عند استخراج الصور الشمسية ، هذا بالإضافة إلى أنها تقوم بتزويد الطبقة المجاورة لها بالمواد الغذائية وتخليصها من الفضلات الزائدة ومن الأجزاء التالفة للمستقبلات الضوئية والتي تتلف نتيجة تعرضها للإضاءة بصورة مستمرة. ويبلغ عدد الخلايا في هذه الطبقة حوالي خمسة ملايين خلية في كل عين، وعند تعرض هذه الخلايا للتلف أو عندما تكون غير طبيعية نتيجة الإصابة ببعض الأمراض الوراثية فإن عملية الرؤية تكون في خطر وقد ينتج عن ذلك العمى الدائم.
وأما الطبقة الثانية التي تلي هذه الطبقة فهي طبقة المستقبلات الضوئية والتي تكون على نوعين الأول منها هي ( المخاريط ) والتي يبلغ عددها حوالي خمسة ملايين مخروط في كل عين وهي مسؤولة عن الرؤية في النهار أو في الأجواء المضاءة وأما النوع الثاني فهي ( القضبان ) والتي يبلغ عددها حوالي ( 90 – 100 ) مليون قضيب في كل عين والتي تكون مسؤولة عن الرؤية في الليل أو أثناء الظلام حيث إن كل نوع من هذه المستقبلات يحتوي على عشرات التراكيب الكيميائية الدقيقة الخاصة والتي تقوم بتفاعلات دقيقة جداً وإن أي خطأ أو نقص في أيٍّ من هذه التراكيب يجعل الرؤية مهددة بالخطر أو يؤدي إلى انعدامها .
تأتي بعد ذلك طبقة الخلايا (ثنائية القطب) تفصلها عن الطبقة السابقة طبقة ( تشابك عصبي ) ويبلغ عدد هذه الخلايا حوالي ( 36 مليون ) خلية في كل عين وهي تقوم بنقل الإيعازات ( الكيميائية ) الحاصلة في المستقبلات البصرية إلى طبقة الخلايا (العُقديّة) التي تليها بعد تحويلها إلى إيعازات (عصبية) بطريقة مجهولة، ومما أثار دهشة العلماء والباحثين ما تم اكتشافه حديثاً من أن هذا النوع من الخلايا ينقسم على أكثر من عشرين نوعاً لم تفهم لحد الآن وظيفة كل نوع منها !! . ويُعتقد أن هناك أنواعاً أخرى لم يتم اكتشافها لحد الآن وأن لكل نوع منها تراكيب ووظائف خاصة، لكن علم الإنسان يقف عاجزاً عن تقديم التفسير العلمي لهذه الحقائق . يقول العليم الخبير في تعظيم ذاته: (وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء) [البقرة : 255].
بعد ذلك ينقل الإيعاز العصبي عن طريق تشابك عصبي إلى الخلايا (العُقدية) والتي يبلغ عددها حوالي مليون وربع المليون خلية في كل عين والتي يخرج من كل خلية منها ليف عصبي واحد تجتمع مع بعضها لتكوين العصب البصري الذي يحوي (مليوناً وربع المليون) ليف عصبي والذي يقوم بنقل الإيعازات إلى الدماغ حيث يتم تفسير هذه الإيعازات لإدراك صور الأشياء التي يراها الإنسان.
كما تحوي الشبكية أيضاً عدداً كبيراً من أنواع أخرى من الخلايا (مثل الخلايا الأفقية ، وخلايا مولر ، وغيرها) هذا بالإضافة إلى الخلايا الساندة (أو الخلايا النجمية) والتي يبلغ عددها أضعاف جميع الخلايا المذكورة سابقاً وهي تقوم بوظائف عديدة منها حماية الخلايا العصبية وتجهيزها بالمواد الغذائية والمواد الضرورية الأخرى وتنظيم بعض فعاليات هذه الخلايا وكذلك تعمل كعازل يفصل بين الخلايا ويمنع انتشار الإيعاز العصبي بصورة عشوائية فسبحان الخالق العظيم: (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) [الفرقان : 2].
وبعد أخي القارئ: هل خطر ببالك أن كل هذا العدد وكل هذه الأنواع من الخلايا تعمل ليل نهار في نسيج رقيق يشكل جزءاً بسيطاً من عضو صغير من أعضاء جسمك دون كلل أو قصور وبدون علمك وإرادتك وتدبيرك ؟!.
هل خطر ببالك أن ملايين المواد والتراكيب الكيمائية توجد في خلايا الشبكية تستخدم لإنجاز ترليونات العمليات في كل لحظة من لحظات عملك وأوقاتك كي تنعم بهذه النعمة العظيمة ؟ (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ) [الملك : 23].
فكل خلية ، بل كل تركيب من تراكيبها الكيميائية ، هو جندي سخره الله ليؤدي وظيفته التي كلفها الله بها على أتم وجه طائعاً أمر ربه بلا قصور وبلا فتور من أجل خدمة هذا الإنسان الذي كرمه الله : (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [إبراهيم : 34]. هل خطر ببالك أن كل خلية من هذه الخلايا تحتاج في كل لحظة إلى المواد الغذائية والأوكسجين والعناصر الضرورية الأخرى لكي تؤدي وظيفتها بشكل سليم وتام ، وأن الخالق الرازق الكريم يسوق لها كل ما تحتاجه على الدوام دون تدبير منك أو جهد وبكل يسر وسهولة كما أن القدوس الحفيظ يخلصها من كل ما ينتج عن عملها من موادَّ ضارة وسموم فحميها من التلف والضرر؟!. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) [فاطر : 3] .
هل خطر ببالك يا أخي أن كل هذا العدد من الخلايا وكل هذا النظام المعقد وكل هذا التدبير المدهش هو في نسيج بسيط لا يتعدى سمكه (1 ملم) ؟!، ألا يدل ذلك على أن الصانع الجليل ذو قدرة مطلقة وذو علم مطلق، وأن جميع البشر بكل طاقاتهم وكل إمكانياتهم لا يستطيعون أن يخلقوا خلية واحدة من هذه الخلايا ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً؟ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ . مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج : 74-73].
فهل تستجب يا أخي لهذه الدعوة الربانية وهذا المثل الذي ضربه الله تعالى فتكون من المستمعين المتدبرين المتبصرين الذين يقول عنهم عز وجل: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) [العنكبوت : 43] ، أو إنك ستكون من الغافلين الذين قال الله فيهم: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) [الأعراف : 179]
هل خطر ببالك أخي الحبيب وأنت تنعم بهذه النعمة العظيمة أن تستشعر البهجة والسرور حين تنظر إلى الصور الجميلة في الأشياء من حولنا، في كوكبنا الجميل أو في الكون الفسيح ، في عملك وراحتك، في جَدِّك ولعبك ؟.
وهل خطر ببالك أن كل هذه الخلايا وكل هذه العمليات التي تحصل في كل لحظة هي مسخرة لك لتنعم بهذه الحاسة العظيمة ؟.
وهل خطر ببالك أن تشكر الخالق عز وجل على هذه النعمة العظيمة ؟.
فكيف بك إذا تفكرت في جميع حواسك وكل أعضائك التي وهبها الله لك ؟!: (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ .الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ . فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ) [الإنفطار :6-8]
نعم أخي القارئ الحبيب ، كل خلية منك آية ، وكل جزء منك شاهد ، وكل مركب فيك دليل ، فأن وما فيك آيات وشواهد ، ودلائل وبراهين تشير إلى الخالق سبحانه وإلى وحدانيته وقدرته وحكمته وعلمه (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت : 53].
فتدبر أخي القارئ وتفكر ، وتذكر .
يقول تعالى: (وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ) [غافر : 81]

my love""r777d
26-11-2008, 11:58 AM
يعطيكـ ربي الع ـافيهـ علىالموضوع المفيييد

ولاتحرمنــــا جديدكــ

تقبل طلـتي

مزاجى صعب
26-11-2008, 03:29 PM
الله يعافيك
>>>>>
اسعدنى مرورك اخى الفاضل

ورده النيل
26-11-2008, 10:54 PM
معلومات رائعة ومفيدة

الف شكر اخي

تقبل مروري

http://www.ghalay.com/up/get-11-2008-ott97rxk.gif